ملك عبد الله ضعيف (8 سنوات) من عرعرة، طفلة تحلم بأن تُصبح راقصة باليه مشهورة، وتعمل بجدّ على تحقيق حلمها، ملك رغم أنّها من ذوي الاحتياجات الخاصّة إلا أنّها مُثابرة ومُجتهدة وتحلم بالوصول للعالمية برقص الباليه.

الطفلة ملك ضعيف

هذا وفي حديث مع والدة ملك السيدة سهير ضعيف قالت: "ابنتي ملك ولدت ولادة مُبكرة هي وشقيقها التّوأم، شقيقها الحمدلله كان سليمًا ولكنّها تضّررت قليلًا، وأصبحت لديها مشاكل في التطوّر والحركة، استشرت الكثير من الاطباء وأجرينا جميع الفحوصات اللازمة وكان يتوجّب أن تتعالج عن طريق الفيزوترابيا العلاج الطبيعي، وبحثت ووجدت المكان الأقرب هو الحضانة العلاجية زهور الغد في أم الفحم هذا بالإضافة إلى العلاج الذي يُقدم لها من قبل صندوق المرضى، تقبّلنا الموضوع وأصبحنا نتعامل معها كهدية من الله والحياة معها بكل جوانبها أصبحت أجمل وبعدها دخلت مدرسة المنار للاحتياجات الخاصّة وكلّها أمل وتفاؤل وتحسّنت بشكل كبير لأنّها تلقّت علاجات عن طريق الخيل والسباحة، والتّقدم أصبح ملحوظًا، ورغم أمل الأطباء بالتّقدّم إلا أنّ ملك تخطّت كل توقّعاتهم بتحسّنها الأكبر وهي تفهم وتعي لكل ما يدور حولها.

رقص الباليه.. الحلم الأوّل
أما بالنّسبة للباليه فهو حلمها وأحبّت رقص الباليه من إحدى قريباتها، وعندما سألتها حول تسجيلها لمدرسة لتعليم الباليه فكان جوابها حتمًا نعم، فسجّلتها لمعهد في أم الفحم وبسبب ظروف الطقس والبعد في الشتاء بحثت عن معلمة باليه في عرعرة ووجدت، وتعلمت معها لمدة 7 أشهر ولظروف شخصية تتعلّق بالمعلمة، لم تكمل رقص الباليه لمدّة عام كامل، بعد هذا العام كان شغف ملك برقص الباليه يكبر ويزداد أكثر فأكثر، عندها تلقينا دعوة من جمعية زهور الغد التي كانت داعما اساسيا منذ نعومة أظفار ملك، كانت الدّعوة شخصية لملك بأن تُقدّم عرض باليه أمام الجميع خلال يوم دراسي بعنوان فسحة امل لأهالي ذوي الاحتياجات الخاصة والذي هدف للتوعية والتعرف على حقوق أصحاب الاحتياجات الخاصّة، كانت فُرصة مهمة لإعادة ملك إلى حلمها، وبحثنا عن طريق معلمتها السابقة عن معلمة أخرى تستطيع أن تكون معها وتعلّمها، وبالفعل وجدنا المعلمة روان يونس، والتي رحّبت بملك وأخذت على نفسها مسؤولية تدريبها حتّى يوم العرض، عند التقائها بروان قالت لها ملك أنا حلمي أن أصبح راقصة باليه وعندما توقّفت عن التدريبات لمدة عام كامل بكيت كثيرًا، عندها وعدتها المعلمة روان أن تدعمها وأن تمشي معها طريقها نحو تحقيق حلمها خطوة بخطوة، وبدأت معها تدريبات مُكثّفة".

يوم العرض
يوم العرض طلبت من معلّمتها التّواجد معها وبالفعل كانت وراجعت معها التّدريبات، لم يعرف أحد عن فقرة ملك، فكان عنوان فقرتها خطوة صغيرة نحو مستقبل كبير، لأنها كانت مفاجأة الأمسية، قدّمت رقصتها بفرح وشغف كبيرين وكنت ولا زلت فخورة بها جدًّا، كان العرض رائعًا والجميع استمتع وأحب ما قدّمته ابنتي وكنا بالفعل سعداء بها".

أنا أرى ابنتي طفلة جبّارة استطاعت أن تتغلب على الكثير من مخاوفها والصعوبات ونظرات وكلام النّاس لانها مؤمنة بذاتها وواعية ولا تتأثر بكلام الناس الجارح أحيانًا شخصيّتها أقوى من أن تستسلم لمثل هذا الكلام، وابتسامتها وشغفها وحبّها لكل ما تقوم بها يجعلنا دائما نحاول قدر المستطاع أن نقدّم لها المزيد لتكون أسعد".

إلى الاهل رسالتي لكم، إذا كان لديكم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة أحبّوه واحتووه وادعموه حتّى الرمق الأخير وعززوا من ثقته بنفسه لأنّ هذا سيعطيه الكثير من الدّعم والأمان، ابتسموا كثيرًا في وجوههم وعبّروا لهم عن مدى حبّكم لهم، والأهم من ذلك أن تشيروا إليهم أمام الجميع بفخر لأنهم أبنائكم ولا تخجلوا أبدًا بهم، لأنّه إذا شعر الطفل بخجل والديه به سينعكس الأمر عليه وسيخجل بنفسه، أحبوهم وامنحوهم كل الفرص المُتاحة ليتقدّموا ويثبتوا أنهم قادرون على أن يحققوا جميع الأحلام".

مُدرّبة الباليه روان يونس.. لا شيء مستحيل

روان يونس مدربة باليه، حاصلة على لقب اول في علوم الرياضة، وحاصلة على شهادة مدربة لياقة بدنية للحوامل، وحكم لرياضة التنس، وحاصلة على شهادة محققة صحافية وتعمل في مجال تدريب رقص الباليه منذ 3 سنوات. وفي حديث مع مدربة الباليه الشابة روان يونس قالت: "تجربتي مع ملك كانت فريدة إذ كانت التجربة الأولى لي مع طفلة من ذوي الاجتياجات الخاصة وكانت تجربة فريدة من نوعها".

وتابعت يونس: "عندما تسجّلت ملك للدورات في مدرسة الباليه، أول ما قالته لي بأنها تريد أن تصبح راقصة باليه مشهورة، ومنذ ذك اليوم وانا ادربها لرقص الباليه وحتى اني اعطيها دروس باليه من وقتي الخاصّ ذلك لانّي أحببت أن أقدّم هذا الشيء للطفلة المُثابرة والطّموحة التي أثبتت أنّها تستطيع وقادرة أن تُصبح راقصة باليه مثل أي طفلة أخرى لديها هذا الحلم وتريد أن تحققه".

وأكملت المدربة: "شاركت ملك بعرض في مدينة أم الفحم وكانت فقرتها من أروع ما يكون تفاجأ بها الجميع وبرقصها وانسجامها، لا استطيع أن أصف فرحتي عندما رأيتها ترقص على المسرح، إصرارها منحني الشعور بالتّفاؤل والرّضا لأبعد الحدود، علّمتني ملك أنّ لا نسمح للعقبات التي تعترض طريقنا أن تسيطر على أهدافنا وأن نكون مؤمنين بانفسنا وبذاتنا" وأكملت: "لا يمكنني نسيان لحظة بُكائي عندما أنهت عرضها الراقص وقالت لي شُكرًا، هذه الكلمة يجب أنا أيضًا أن أقولها لملك هذه الطّفلة الرّائعة التي منحتني فرصة تدريبها وتألّقت بأجمل صورة". "وأخيرًا أشكر والدي ملك الذي أصروا على أن تحقق ابنتهما حلمها برقص الباليه وأن تستمر في المجال مثلما أرادت ولأنهم منحوني الثّقة لارافق ابنتهما".