أعطنا الشّاقل وغنّي/ بقلم: فؤاد سليمان

كل العرب
نُشر: 01/01 11:04,  حُتلن: 11:05

عدت من تمرين موسيقيّ مع فرقة سراب لأجد زوجتي تحضر برنامج ألمانيّ عبر المرناة، “إنتهت الحفلة" قلت لها وأقفلت المرناة. رنّ هاتفي الجوّال، والّذي أحيانا يخالف الأوامر ويبدأ بالتصرّف حسب عقليّته ومزاجه، ولكنّي نجحت أن أردّ، وها أبي على الخطّ يقول لي أنه أحضر سمك من الوادي، ففي شبابي كنّا نتصيّد السمك، أمّا الآن فنشتريهم، أيضا لأن لا هنالك سمك بالبحر وأيضا من قلّه نشاطنا. نظرت إلى الفسيبوك وصفنت خمس دقائق في خطاب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

إنّ بنيامين يخاطبنا المواطنين العرب بالإنجليزيّة، أيضا بمحاولة لمحو كلّ الذاكرة الجماعيّة التي بها خاطبنا بالعبريّة وبذلك يبدأ معنا صفحة جديدة من العلاقات، وأيضا لكي يفهم أوباما ويعطيه عشرة دولار وطيّارة جديدة. أما أنا شخصيّا فشعرت أنه بالفعل لديه جزء من قلبه اّلذي يتعاطف مع العرب، مع أنّ هذا الجزء يتلاشى مثل الثلج في حرّ الصيف عندما يرى ليبرمان، ولكنّه موجود.

لقد بدى لي الخطاب كخطاب إنسان فاز بالكثير من النّقود ويودّ التبرّع بواحد بالمئة منها إلى جمعيّة خيريّة ، في هذه الحالة القرى والمدن العربيّة، ولكنّه يريد أن يغير كل عاداتنا وتقاليدنا بنفس الوقت. فعلى البدو في النقب أن يتخلّوا عن أراضيهم وأن يسكنوا المدن وأن يتمتّعوا من الحياة المدنيّة ، وعلى أهل القرى المختلفة أن تبدأ بالإتصال بالشّرطة بشكل مكثّف والتخلّي عن الطوش العائليّة والعنف، فالطوش العائليّة والعنف هم جزء من عاداتنا وتقاليدنا للأسف. أمّا نتنياهوا فيريد أن نصبح أنجليز مقابل النّقود. تلو خطاب بيبي، جاء رد فعل النّائب أيمن عودة، والّذي يحاور به رئيس الحكومة ويضعه أمام الواقع كما يراه العرب، مع نكهة كوميديّة وبهار إستهزائي، كما ويقول له "علّي الخمسة شواقل لعشرين شاقل، فنحن نستحق، وقبل كل هذا فأوصل القرى البدويّة الى شبكات الماء والكهرباء”. لست أدري ما سبب الكرم الفظيع لدى نتنياهو ، هل هو الغاز الطبيعي أم شيء آخر ، ولكنه يريد العطاء، بعد أن وعد أوباما بذلك ، ووجد الحنيّة الكافية والتّسامح الكافي، فنحن المجرمون الذين قتلنا أخاه رحمه الله، وطبعا ذلك بعد أن سمع أغنية لعبد الحليم حافظ. إنّ بنيامين نتنياهو ، حامي الشعب اليهودي، الذي يخاف من كل شيء، واقعي أو لا واقعي، يريد أن يسامحنا، يريد أن نعزف له على العود ألحان أندلسيّة ونحيطه بنسائنا الجميلات، كي ينسى ألمه ويعاشرنا ويكرم علينا.

إن الخطاب تمركز حول إرادته أن نندمج في المجتمع الإسرائيلي، أنا شخصيا لا أحبّ أن أفرض نفسي على أحد وفبل أن أندمج، أريد رسالة وديّة ، والحقيقة إنّني أحاول الإندماج لكنّ المجتمع الإسرائيليّ يرفضني، يبعدني’. وأريد أن أقول أن بيبي لا يمثّل باقي اليهود في ذالك، اليمين واليسار معا ، فإنهم يبعدوننا من دوائرهم المغلقة، إنهم يريدوننا مفرّقين ومشتّتين. يا ريت كل اليهود مثل بيبي، فهو يريدنا، أمّا شعبه بغالبيّته فيطردنا من بيوتنا ويمنع عنّنا لقمة العيش والكرامة.

اما الأمر الحسن في كل قضيّة الخطاب هي أننا سنأخذ لقمة او لقمتين لشعبنا ومدننا وقرانا ، فهذا أمر حسن، شكرا لكم. الأمر الحزين هو أننا نحاول بالفعل أن نحظى على تقبلكم والمشاركة معكم، ولاكنّنا مرفوضين، مرفوضين لكوننا عرب.

ها أنا آخذ رشفة من السيجارة وجغعة من القهوة وأقول لرئيس الحكومة ، فيروز قالت "أعطني النّاي وغنّي" وها أنت في خطابك تعطنا الشّاقل وتعني، تغني في الإنجليزيّة مع الكثير من النّشاذ. غني يا بيبي لنا ، لاكن قبل ذالك ، إعمل معروفيّة وأعترف في قرانا وأوصلها بالكهرباء.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة