نعلم اولادنا الدين في البيت وفي المدرسة والمسجد من اجل غرس الايمان بالله والقيم الإنسانية فيهم ونفهمهم ان الدين رحمه لانه يعلمنا كيف نترحم على بعضنا البعض وكيف نتعامل مع بعضنا البعض ونقدس حياة الإنسان ونسلك الطريق المستقيم , ولكن هناك نرى نسبة معينة من ابناء جلدتنا لا يعرفون الرحمة ويستعملون العنف والقتل من اجل حطام هذه الدنيا الفانية , وهؤلاء لم يستوعبوا ان دين الله رحمة والرحمة تكسب السكينة والطمأنينة .
القرآن اعلى من شأن الرحمة، وجعل من الرحمة أول صفة تعرف بالله سبحانه وتحدد هذا النص في البسملة التي عرفت الله اسما وصفة بالرحمة (بسم الله الرحمن الرحيم)، وكأن الله سبحانه أراد أن يعرف عن نفسه بالرحمة قبل أية صفة أخرى، وأن يعرف عند الناس كافة بالرحمة قبل أية صفة أخرى، لكي تكون الرحمة أقرب صفة للإنسان، وأقرب صفة في العلاقة بين الإنسان وربه وبين الإنسان وأخيه الإنسان ، حتى يصبح الإنسان أشد تعلقا بالرحمة في حياته الخاصة والعامة، الفردية والاجتماعية.
فجعل الله من الرحمة في أول سورة في القرآن ، وهي سورة الفاتحة في قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم)، وهي السورة الوحيدة في القرآن التي تكون جزءا من عبادة يومية واجبة على الإنسان المسلم وهي الصلاة، الفريضة التي يلتزم بها المسلم خمس مرات في اليوم.
والقرآن الكريم أخبرنا أن الله سبحانه، ما كتب على نفسه شيئا من الصفات وبهذا البيان إلا الرحمة، وجاء هذا البيان مكررا مرتين في سورة الأنعام، مرة في قوله تعالى: (كتب على نفسه الرحمة) –آية: 12- ومرة في قوله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة) –آية: 54-.
وهذا يعني أن الله تعهد بشيء على نفسه وهي الرحمة، لكي يظل الإنسان مستشعرا الرحمة من الله دائما وفي كل آن، وعند كل عمل يقوم به، وبهذه الرحمة ينشرح صدر الإنسان، ويقبل على الحياة بثقة وأمل وإرادة بعيدا عن الأحقاد والعنف والتعصب القبلي ، لأن رحمته وسعت كل شيء.
وقوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) –الأنبياء: 107- فالرسول من جهة هو من تجليات رحمة الله في حياة البشر وللعالمين كافة، ومن جهة أخرى فإن الرسول هو مصدر رحمة للعالمين كافة، فالإنبياء والرسل كانوا أرحم الناس في التاريخ الإنساني كله، لأنهم من تجليات رحمة الله، ولأنهم كانوا مصدرا للرحمة، وهم القدوة والأسوة.
هذا الفيض من الرحمة في الدين، يفترض أن يجعل المسلم إنسانا رحيما مسالما وينبذ العنف والقتل لانه متعلق بالرحمة، ومتخلقا بها رحيما مع الناس كافة، مهما تعددت وتنوعت لغاتهم وألسنتهم، قومياتهم وأعراقهم، ومذاهبهم وأديانهم، لأن الرحمة هي فضيلة لا تتجزأ،
وقال رجل للرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) أحب أن يرحمني ربي، قال له الرسول : ارحم نفسك، وارحم خلق الله يرحمك الله)، فالرحمة هي سلوك ينبغي أن يتسع باتساع خلق الله.
ليس هذا فحسب، بل إن الإنسان المسلم مطالب أن يكون رحيما حتى مع الحيوانات، فلا يجوز إيذاء الحيوان، والقسوة عليه، وإذا كان هذا هو الحال مع الحيوان، فمن باب أولى أن يكون مع الإنسان أشرف الكائنات والمخلوقات.
ولكن للأسف ما نرى اليوم في مجتمعنا وفي المجتمعات العربية الأخرى في الوطن العربي من الحرب الأهلية التي ارتكبت بقوة وبطش وقتل يندى له الجبين ، ورسم إلى الإنسان طريقا مسدودا في هذه الحياة، طريقا بلا أمل ولا مستقبل، وسلب منه متعة العيش، وبهجة الحياة، ، وحوله إلى الإنسان تمتلكه رغبة القتل، والمسارعة في إفناء الذات، وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح البريئة
فهناك من قتل ابن عمه، ومن قتل جاره،وابن بلده , هذه صور لا يمكن تخيلها في عالم الأديان بصورة عامة، وفي عالم الإسلام بصورة خاصة، لكنها حصلت وللأسف في مجتمع المسلمين، أي إنسان هذا الذي يقدم على قتل انسان اي انسان لا يمكن لهذا القاتل أن يكون من عالم البشر.
، في الأديان جاءت لعمران الحياة، وتأمين السعادة للإنسان و الرفاه والحياة الكريمة الأديان تعد الإنسان بالسعادة في الدنيا قبل الآخرة، وتقرن نفسها بالسعادة و تجنب الشقاء.
الدكتور صالح نجيدات